responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 246
[11]

[سُورَة الحجرات (49) : آيَة 11]
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ
لَمَّا اقْتَضَتِ الْأُخُوَّةُ أَنْ تُحْسَنَ الْمُعَامَلَةُ بَيْنَ الْأَخَوَيْنِ كَانَ مَا تَقَرَّرَ مِنْ إِيجَابِ مُعَامَلَةِ الْإِخْوَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتَضِي حُسْنَ الْمُعَامَلَةِ بَيْنَ آحَادِهِمْ، فَجَاءَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ مُنَبِّهَةً عَلَى أُمُورٍ مِنْ حُسْنِ الْمُعَامَلَةِ قَدْ تَقَعُ الْغَفْلَةُ عَنْ مُرَاعَاتِهَا لِكَثْرَةِ تَفَشِّيهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ، وَهَذَا نِدَاءٌ رَابِعٌ أُرِيدَ بِمَا بَعْدَهُ أَمْرُ الْمُسْلِمِينَ بِوَاجِبِ بَعْضِ الْمُجَامَلَةِ بَيْنَ أَفْرَادِهِمْ.
وَعَنِ الضَّحَّاكِ: أَنَّ الْمَقْصُودَ بَنُو تَمِيمٍ إِذْ سَخِرُوا مِنْ بِلَالٍ وَعَمَّارٍ وَصُهَيْبٍ، فَيَكُونُ لِنُزُولِ الْآيَةِ سَبَبٌ مُتَعَلِّقٌ بِالسَّبَبِ الَّذِي نَزَلَتِ السُّورَةُ لِأَجْلِهِ وَهَذَا مِنَ السُّخْرِيَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا.
وَرَوَى الْوَاحِدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا: «أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ كَانَ فِي سَمْعِهِ وَقْرٌ وَكَانَ إِذَا أَتَى مجْلِس النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَوْسِعُوا لَهُ لِيَجْلِسَ إِلَى جَنْبِهِ فَيَسْمَعُ مَا يَقُولُ فَجَاءَ يَوْمًا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ فَقَالَ رَجُلٌ: قَدْ أَصَبْتَ مَجْلِسًا فَاجْلِسْ. فَقَالَ ثَابِتٌ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا فُلَانٌ. فَقَالَ ثَابِتٌ: ابْنُ فُلَانَةَ وَذَكَرَ أُمًّا لَهُ كَانَ يُعَيَّرُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَاسْتَحْيَا الرَّجُلُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ»
، فَهَذَا مِنَ اللَّمْزِ. وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ:
«أَنَّهَا نَزَلَتْ لَمَّا عَيَّرَتْ بَعْضُ أَزوَاج النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ بِالْقِصَرِ» ، وَهَذَا مِنَ السُّخْرِيَةِ.
وَقِيلَ: عَيَّرَ بَعْضُهُنَّ صَفِيَّةَ بِأَنَّهَا يَهُودِيَّةٌ، وَهَذَا مِنَ اللَّمْزِ فِي عُرْفِهِمْ.
وَافْتُتِحَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ بِإِعَادَةِ النِّدَاءِ لِلِاهْتِمَامِ بِالْغَرَضِ فَيَكُونُ مُسْتَقِلًّا غَيْرَ تَابِعٍ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الْفَخْرِ. وَقَدْ تَعَرَّضَتِ الْآيَاتُ الْوَاقِعَةُ عَقِبَ هَذَا النِّدَاءِ لِصِنْفٍ مُهِمٍّ مِنْ مُعَامَلَةِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ مِمَّا فَشَا فِي النَّاسِ مِنْ عَهْدِ الْجَاهِلِيَّةِ التَّسَاهُلُ فِيهَا. وَهِيَ مِنْ إِسَاءَةِ الْأَقْوَالِ وَيَقْتَضِي النَّهْيُ عَنْهَا الْأَمْرَ بِأَضْدَادِهَا. وَتِلْكَ الْمَنْهِيَّاتُ هِيَ السُّخْرِيَةُ وَاللَّمْزُ وَالنَّبْزُ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 26  صفحه : 246
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست